أسا بريس : مهتم بالوضع
في
مثل هذا اليوم خرجت حشود من ساكنة الزاك في مسيرة زاحفة صوب مدينة أسا تعبيرا منها
عن رفضها لواقع ضاقت مرارته وعانت من جوره
و تعسفه.واقع لم يكن الحر ليرضاه لنفسه و لا لغيره.واقع ساد فيه غلـــــب الزمان و
تسلط الرجال.واقع اسكت فيه السكان زهاء العقدين من الزمان.و هو سكوت لم يكن ليدوم
طويــــــلا لان " الضغط يولد
الانفجار "
هذه القاعدة الفيزيائية لم تخطر على بال
المسؤولين عن تردي الاوضاع في هذه البلدة،الذين تمادوا فــــي غيهـــــم و استمروا
في نهج سياسة صم الاذان عن كلام الحق. و نحن هنا لانقصــــــد شخصا بعينه او
اشخاصا بعينهم، لان المسؤولية مشتركة من اعلى هرم السلطة الى أدناه ومن اغنى
السكان الى أفقرهم ومن شيخهم الى صغيرهم.
هذا الوضع المتردي للبلدة كان من الممكن ان
يتغير لو تم استثمار " الزحف " ، الذي قامت به الساكنة في اتجاه مدينة أسا
بشكل سليم. لكن تضارب مصالح بعض الاطراف و تداخلها، و قلة تجربة البعض الآخر حـال
دون ذلـــك و اوقف سيل النقط التي كان يحصدها الزحف و الحـــــــراك الاجتماعي
اللذان عرفهما الزاك في الايام الاخيرة من شهر فبراير 2012.
فتضارب المصالح تجلى في الصدام الظاهر الخفي
الذي وقع من جهة اولى بين بعــــــــض الفاعلين السياسيين الراغبين في التحكم في
الامور و استثمارها لمصالحهم الانتخابية – وهو امر مبرر بالنسبة لهم – و الشباب الــــذي
تزعم الحركة الاحتجاجية ، من جهة ثانيــة ، و قادهــــــا و خاف ان تضيع من بين
يديه فيركب على الحدث ، كمـــا قالوا ، طرف آخر ، لذلك حاولوا اغـــــلاق الطريق
على اي جهة تنافسهم في ذلك – و هو امر مبرر كذلك بالنسبــة لهم – و السلطة مـــن
جهة ثالثة التي رغبت في افشال التجربة و اجهاضها قبل ميلادها بتواطــــؤ مـــــع
بعـــــض الاشخـــاص – بعضهم شارك في الزحف – و هو امر مبرر كذلك بالنسبة لها.
لكن ما لم يكن مبررا لهذه الاطراف جميعها و
ما لم يكن مسموحا به هو اللعب بمشاعر الناس خاصة الزاحفيــن منهم الذين كانوا في
غفلة من امرهم و لم يكونوا على دراية بهذه التقاطعــــات و التناقضات ، لأنهم يوم
شاركوا في الزحف – وحتى الذين لم يشاركوا – كان لهم طموح مرفوق بحسن نية في تجاوز
حرقة الماضي التي تكبدوهـــــــا لسنوات طويلة . و هنا نأتي إلــــى شـــــرح
النقطة الثانية (قلة التجربة) التي منعت تحقيق هذا المبتغى.
"قلة التجربة " نقصد بها جماعة
الزاحفين التي كلفت نفسها مسؤولية الحوار مـــع المسؤول الاول عن الاقليـم . هذه
الجماعة او " لجنة الحوار " كما جرى الحال على تسميتها تتحمل جانبــــا
كبيرا من المسؤولية في مسالة عدم تحقيق الزحف لأهدافه كاملة ، كما تتحمل المسؤوليــــــة
في ضياع فرصة لا تعوض على ساكنة الزاك كــــــان من الممكن اللعب على وترها لتحسين
جـــــزء و لو قليل من الوضع المتردي لبعض سكان هذه البلدة. لقد كانت هـــــذه
اللجنة اكثر دوغمائيــــــــة و وثوقية لأنها انغلقت على نفسها و لم ترد التحالف
مع اطراف اخرى ( هيئات سياسيــة و نقابيـة ، جمعيات المجتمع المدني ، منتخبون،
...) كان دخولها على الخط سيعزز موقفهـــــا و يعطــــي للاجتمــاع الذي حدث مع
عامل الاقليم طابعا رسميا يصعب بعده التراجع على ما تم الاتفاق عليه ، هذا من جهة
، و من جهــــة ثانية كان انسحابها ( اي اللجنة ) من الحوار بمثابة القشة التــــــــي
قصمت ظهر البعير. لان المتتبعين اجمعوا علــى ان المحاورين كانوا سيحققون العديــــــــد
مــــن المكاسب لو استمروا في الحوار .
لكن و في مقابل هذا كله ، فانه لا ينبغي ان
نحمل شباب هذه اللجنة ما لا طاقة لهم بـــــه ، فرغبتهم في الانفراد بقيادة الحدث
مبررة اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان تآمر بعض الاطراف ضــــد الزحف كان حاضرا و
لا يمكــــــن انكاره . كما ان انسحابهم من الحوار كان غلطة متهورة يرجع سببها كما
اشرنا الى قلة التجربة لان كثيرا منهم لــم يحضر قط اجتماعا من هذا النوع.
في ظل هذا ، تبخرت امال العديد من ساكنة
الزاك و راحت ادراج الرياح و اصبحت اهـــداف الزحف و غاياته في خبر كان ، و لم يعد
احد يتحدث كما سبق عن المحاسبـــــــة و العدالـــــــــة الاجتماعية و الحق و
المســـاواة ... و السبب او الاسباب الحقيقية في هذا كله نجملها في كلمات هــــي : انعدام
الثقة ، التآمر ، الانتهازية و القبلية.
ليست هناك تعليقات: