شهدت قضية الصحراء خلال الأسابيع القليلة الماضية حراكا غير مسبوق شكلت منعطفا هاما في تاريخ القضية الصحراوية كشفت بجلاء عن إهتراء وهشاشة الدبلوماسية المغربية وزيف خطابها الذي يدعي مصداقية وجدية الحكم الذاتي والإشادة الدولية به و عزمها على تنمية الأقاليم الصحراوية وجعلها في صلب أولوياتها السياسية والتنموية.

إن القرار رقم 2099 المصادق عليه مؤخرا وما سبقها من ثورة للمخزن يؤكد بشكل جلي الممارسات الفظيعة لحقوق الإنسان في المنطقة من تعنيف وسحل للنساء والتحرش بهن ، ولو كان الأمر غير ذلك لقبل المغرب بتوسيع صلاحيات المينورسو مادام يؤكد حرصه على احترام حقوق الإنسان والتنصيص عليها دستوريا وتفعيلها عبر مؤسسات رسمية، ومن إنخراط تام في محاربة "الأصولية المتشددة"
ومن مصادقة على المواثيق الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان بل أكثر من ذلك هي فرصة للنظام للضغط على جبهة البوليساريو وفك الحصار عن المحتجزين بتيندوف حسب تعبيره وكما يصوره لنا الإعلام الرسمي الذي يحتقر المواطن المغربي والصحراوي على حد سواء، رغم أن الواقع يفند ذلك مادام هؤلاء المحتجزون يجوبون بلدان العالم العربي والغربي بكل أريحية ويعبرون عن مواقفهم وآرائهم السياسية في العديد من المحافل والملتقيات الدولية.
وبالرجوع إلى القرار محور ثورة الدبلوماسية المغربية نجد أن المجموعة الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد تثق في السياسة الرسمية للمغرب و أن تبنيه للطرح الحقوقي ماهو إلا ماركوتينغ سياسي ليس إلا، فالقرار الأممي يلح وبشدة على إحترام حقوق الإنسان وإلزام الطرفين بأخذ التدابير اللازمة بما يضمن حق تقرير مصير الصحراء الغربية وهي الجملة التي أسقطها الإعلام المغربي ولم يأت على ذكرها.
إن المقاربة الأمنية و أخطاء الماضي التي ترتكب وبشكل يومي في حق مواطنين ذنبهم أنهم يريدون العيش بكرامة أولا والتمتع بكامل الحقوق المنصوص عليها عالميا،لن تزيد الصحراويين إلاتوحدا و تشبثا بمطالبهم لأن القمع يوحد أكثر مما يفرق و أن المخزن لن يستطيع إخفاء مايقع بالصحراء وتجميل صورته لدى المنتظم الدولي و لن تستقيم الأوضاع بالمنطقة إلا بالإحترام التام للحقوق والحريات وضمان كرامة المواطن في الصحراء وصونها وجعله في صدارة حلحلة المشكل باعتباره المعني الأساسي قبل الأرض و الثروة التي تكتنزها وإلا سيظل الأمر كابوسا جاثما وسدا منيعا ضد أي تطور ديمقراطي أو تنموي للمنطقة ومن شأنه كذلك تشديد الخناق على المغرب ومتانة مقاومة الصحراويين للإنتهاكات التي يتعرض لها وتأييدا اكبر للمجتمع الدولي له في القادم من الأيام. لذلك يتوجب على النظام السياسي المغربي التحلي بالشجاعة وعدم
التعنت في التعاطي الإيجابي لقضية الصحراء
وتدبيره بشكل ديمقراطي و في رؤية شاملة تأخذ بعين الإعتبار تطلعات سكان الصحراء
ومصالحه بدل أن تجد المملكة المغربية نفسها في وضع دولي لا تحسد عليه وان الحراك
الحالي الذي تعرفه مناطق الصحراء رسالة لصانع القرار السياسي المغربي للبحث عن حل
سياسي بدل إصدار بلاغات و إيفاد التعزيزات الأمنية التي لن تزيد أهل الصحراء إلا إصرارا
على التمسك بآرائهم والدفاع عن إختيارهم السياسي.
عبد الجليل الـكتّـاب
ليست هناك تعليقات: