120 يوما من الإعتصام السلمي بآسا والدوائر المعنية
ترفع شعار اللامبالات والمقاربة الأمنية
روبورطاج: سيد أحمد الداهي
يدخل المعتصم الذي يقوده حاملوا شهادات
الإجازة بمختلف التخصصات لموسم 2012 بمدينة آسا يومه العشرون بعد المائة مطالبين
فيه الجهات المعنية وفي مقدمتها عمالة الإقليم بحقهم في التعويض عن البطالة عبر
بطائق الإنعاش في ضل غياب وانعدام المناصب المالية سواء بالقطاعين العام أو الخاص
بالإقليم إلى جانب ندرة وقلة المشاريع المدرة للدخل و التي إن وجدت تشوبها شوائب
عدة.
معتصم مفتوح منظم و مهيكل، و احتجاج بطريقة عنوانها العريض السلم تفاعلت
معه مجموعة من القوى السياسية والحكومية إلى جانب الفعاليات المدنية من داخل وخارج
تراب الإقليم ، يرصد موقع أسا بريس بعضا من جوانب المعتصم ويعود بعقارب الساعة إلى
الوراء من زاوية خاصة.
حلقيات
وتجمعات المجازين بعد طرق الأبواب وانعدام الحلول من الدوائر المعنية.

من لدن الفئة المعنية للدخول في حوارات ولقاءات مع المسؤولين بالإقليم بغية إيجاد
حلول ناجعة لمطالبهم التي سرعان ما قوبلت بالرفض من خلال عدم مبالاة المعنيين وإن
كان حسب البعض الذي إلتقيناهم في خضم إنجاز هذا الروبورطاج قد أكدوا لنا أن طريقة
الرد التي جاءت من عامل الإقليم تبقى متوقعة وليست وليدة اللحظة، الشيء الذي جعلهم
يعبرون بطريقتهم عن عدم رضاهم التام للمقاربة التي تم الاعتماد عليها لحلحلة ملفهم
ومطالبهم مما جعلهم يقدمون على تنظيم سلسلة من الحلقيات والتجمعات التي طبعها
السلم والأشكال الراقية في التعبير عن تنديدهم وإستنكارهم للسياسة التي طبقت في
حقهم، مما نتج عنها إصدار مجموعة من البيانات للتواصل مع مختلف الفعاليات وإحاطتهم
بكل مستجدات قضيتهم قبل الإقدام على الدخول في معتصم مفتوح راهنوا من خلاله على
مواصلة التضحية حتى تحقيق كافة مطالبهم تجسيدا للمثل القائل "ما ضاع حق وراءه
مطالب"، فتم إختيار ساحة المدية الرئيسية كفضاء وأرضية من أجل إقامة
المعتصم.
حركية غير عادية بساحة المدينة في لوحة
رسمت بريشة تنوعت ألوانها وتعددت رسائلها وأبعادها.
الساحة الرئيسة التي تتوسط مدينة أسا ارتدت
بذلة لم تلبسها منذ تشييدها، وتحولت إلى فسيفساء مزركشة بألوان الطيف من خلال
مجموعة يافطات تنوعت وتعددت لغاتها واجتمعت في فكرتها وخلاصتها حول المطالب
والمعتصم المفتوح الذي تجددت عبره لغة التأكيد على نفس المطالب وعنوان السلم، وشهد
إقبالا مكثفا للعنصر النسوي الذي كشر عن سواعده مجسدا نموذج المرأة الصحراوية
العصامية، حيت احتفلن بعيد الأم العالمي في أجواء ستضل لا محال راسخة في الأذهان
على مر الزمان إلى جانب الأمهات اللواتي لم تتخلفن عن الموعد والحدث ووقعن على حضورهن
في هذا الاحتفال وإن كان بطعم مر تحت الأضواء الكاشفة وسمر الليل وبرودة الطقس،
وهي عوامل لم تمنح الجميع إلا جرعة زائدة في السير بخطوات ثابتة نحو تحقيق كافة
المطالب أو كما عبر لنا أحدهم قائلا حتى
تأكيد المكاسب مادام التعويض عن البطالة على حد قوله يعد مكسبا لشباب المنطقة الذي
أنهكته الجامعة بما لها وما عليها لسنوات عدة ذاق من خلالها الحلوة والمرة.
اعتصام شكل مسكنا ومأوى في طبيعة ربانية لهذه الفئة مفترشين الأرض ومكتوين
بحرقة البرد القارص ليلا وحرارة أشعة الشمس الدافئة نهارا وهو ما خلف ردود فعل من
طرف مكونات المجتمع المحلي التي أبدت تضامنها الكلي واللا مشروط مع فلذات
أكبادها.
إضراب عن الطعام ومسيرات الجياع تجوب
شوارع المدينة

الآذان أقدم عليه المعتصمون من بوابة تنظيم مسيرات شبه يومية صالوا من خلالها
وجالوا داخل أرجاء المدينة مؤكدين على مطالبهم بدعم وانخراط أهالي هذه الحاضرة
الذين توافدوا بأعداد كثيرة، شيبا وشبابا، رجالا ونساءا، فالكل أبى إلا أن ينخرط
لتقديم يد العون والمساعدة لإيصال الأصوات التي تعالت بنبرات مختلفة تحمل في
طياتها الحزن وعدم الرضى بالواقع الذي باتت تعرفه الدينة مطالبة بإسقاط الفساد قبل
أن يقدم المجازون على الدخول في إضراب عن الطعام دام زهاء 48 ساعة، أغمي على إثره
الكثيرون خاصة منهم بنات حواء اللاتي كن العلامة المضيئة كالعادة وفي الطليعة.

بمسيرة أخرى حاشدة لكن بأمعاء فارغة قاومت بدورها رفقة أصحابها لإيصال الصوت مرة
أخرى لمن يهمه الأمر لعله يكون قد تعذر وصوله في المنساسبات الفارطة بسبب ضعف
خدمات الشبكة المختصة في ذلك، دون أن يتحرك ساكن مرة أخرى او أن تظهر ملامح وبوادر
مساعي المعنيون في قضيتهم للوصول إلى حلول، حيت التزموا مبدأ الصمت بعنوان
"العام زين".
كلها خطوات طبعها السلم وهو ما جعل العديد من القوى السياسية، المدنية
والحكومية تتفاعل معها وإن دام ذلك للحظات قليلة فقط.
قوى سياسية، مدنية وحكومية تتفاعل مع
المجازين.
مجموعة من القوى على اختلاف انتماءاتها
وخلفياتها، بل وحتى إذيولوجياتها تفاعلت بشكل كبير مع مطالب حاملي شهادات الإجازة
بإقليم آسا الزاك لموسم 2012، كان أولها الحاجب الملكي الذي تفاجىء بحشود غفيرة
تقف أمامه بالقاعة الكبرى للمعلمة الدينينة التاريخية بالمدينة "زاوية
آسا" تحمل يافطة عريضة تتضمن مطالبها في لحضة وقف فيها منذهشا رغم الحصار
الأمني الذي فرض على مبنى الزاوية، وليس الحاجب الملكي وحده من أصابه الاندهاش
فحتى المسؤول الاول بالمملكة على قطاع الشباب والرياضة وعضو مجلس الحكومة محمد
أوزين المنتمي لحزب يتربع على قمة وزارة الداخلية في حكومة عبد الإله بنكيران
تفاعل بشكل خاص مع مشهد المعتصمين ومطالبهم ، حينها لم يجد بدا في الجلوس بينهم والاستماع
إليهم عن قرب وعلامات الحسرة تطغى على ملامح وجهه ممزوجة بقطرات الدموع التي لا
يعرف مصدرها، فربما قد تكون حقا من القلب وربما تعود لتماسيح النيل...

الملأ وأعرب عن تضامنه مقدما وعوده بإيصال الرسالة إلى الجهات العليا وكأن الجميع
يعرف ترجمة الجملة قبل أن ترده مكالمة ويغادر المعتصم في عجلة من أمره لتغادر معه
الدموع و الحسرة التي بدت أيضا على وجه نقيب هيأة المحامين بالمغرب ونائب رئيس
محكمة العفو الدولية بلاهاي محمد بلماحي، رئيس الجامعة الملكية المغربة لسباق
الدراجات بعيد وصوله إلى مدينة آسا التي تم إدراجها كمحطة ضمن لحاق المسير الخضراء
لهذا النوع الرياضي، فقد وجد في إستقباله مجموعة غنائية ترتدي أقمصة حمراء بأصوات
عذبة مؤدية سمفونية غنائية رغم حاجز الأمن ، وقف حينها مصدوما للمشهد في قشمرة
كبير رسمت على وجهه، وهي التي نقشت أيضا على وجوه أعضاء قافلة حزب المصباح الذي
يتربع على قمة قمم الحكومة، حيث ضمت بينها نوابا برلمانيون من جهات مختلفة وأعضاء
المجلس التنفيذي للحزب، إذ أقدموا على فتح لقاء تواصلي مع المجازين المعطلين وهو
الامر عينه الذي أقدم عليه مجموعة من الدكاترة الجامعيون وفي مقدمتهم الدكتور عبد
الكريم مادون رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بجهة سوس ماسة درعة، الذي نوه
بسلمية الاحتجاجات مؤكدا في السياق ذاته على المطالب التي استيقضت لها أخيرا
الدوائر المعنية لإيجاد حلول لها لكن بلغة خاصة.
المقاربة الأمنية في حق المجازين وقبائل
أيتوسى تندد بالخطوة مؤكدة تضامنها مع أبنائها

الأمن لم تنام طيلة فترة الاحتجاجات سواءا عبر رجالها أو عبر شيوخ بدون حقائب
(المخبرين)، تترصد الخطوات التي ضلت ثابتة قبل أن يقدم المجازون على نصب خيمة
لعلها تخفف من معاناتهم اليومية من أشعة الشمس الحارقة وبرودة الطقس ، لما لا وهي
كنز أثري من كنوز ما خلفه الأجداد وتوارثه الأحفاد ورمز من رموز الإنسان الصحراوي،
فلم تمضي إلا دقائق معدودة حتى تدخلت القوات الأمنية من أجل سحب الخيمة بداعي أن
تمت أوامر عليا تمنع منعا كليا استعمال الخيام في الاحتجاج متحدثين بفصول قانون
خاص لا تتضمنه أبواب الدستور الجديد.
تدخل أفاض الكأس وفتح معركة على جبهتين إنسحبت من خلالها قوات الامن في
الفاتح من شهر ماي الذي تحتفل من خلاله الطبقة الشغيلة بعيدها الوطني، وهو
الإنسحاب الذي أسفر عن إصابة بعض المجازين والنساء على مستويات مختلفة من أنحاء
الجسم، إذ لم تمضي عليه أزيد من 20 عشرين ساعة حتى عادت المواجهات من جديد، و دامت
لأكثر من 4 ساعات راح ضحيتها طفل صغير أصيب بكسور خطيرة على مستوى حوض الجسم
وآخرون بجروح سواء بالرأس او اليدين والأرجل، لتنسحب من جديد القوات المساعدة
وتعود أدراجها إلى الخلف، وهو ما جعل قبائل أيتوسى واحدة من كبريات قبائل الصحراء
تعقد إجتماعا موسعا بمشاركة مختلف الفئات من أجل تدارس حيثيات الوضعية.

طال لساعات خرج في أعقابه الجميع ببيان ختامي نددت فيه القبيلة للمقاربة الأمنية
التي نهجتها السلطات في حلحلة المشكل إلى جانب تأكيدها على أحقية مطالب نخبة
المجازين وتضامنها معها، علاوة على الأطر العليا المعطلة بحقها في التشغيل
والمطالبة بإحداث عمالة المحبس ونقاط أخرى ستجعل لا محال السلطات إن عجزت عن
تنفيدها في مواجهة القبيلة التي تحضى بمكانة خاصة وبإحترام مختلف الحساسيات
القبلية بالصحراء عموما ومنطقة وادنون وقبائل تكنة خصوصا.
ليست هناك تعليقات: